منتديات الحوار الجامعية السياسية

شخصيات صنعت التاريخ

المشرف: بدريه القحطاني

By سيف السبيعي336
#68888
أبو عبد الله محمد بن تومرت (1080 م - 1128 م) عالم و قائد أمازيغي مسلم من جنوب المغرب الأقصى ادعى المهدوية، يعد المؤسس والزعيم الروحي لحركة الموحدين، وهي حركة إصلاحية و سياسية قامت في مواجهة دولة المرابطين، بدأت دعوته بين قبائل مصمودة في جبال الأطلس ثم انتشرت أفكاره بفضل أحد أتباعه وهو عبد المؤمن بن علي الكومي الذي قضى على المرابطين ووطد دعائم الدولة الموحدية لتشمل أجزاء شاسعة من المغرب العربي و الأندلس.

ادعى ابن تومرت أنه هو المهدي المنتظر ولقب نفسه بالمهدي، وفضحه هذا عند علماء المغرب، فعرفوا أنه كان طامحاً للوصول إلى سدة الحكم وحسب .

كان محور أفكاره الدينية يرتكز على الدعوة إلى التوحيد، أي إثبات أن الله واحد، وبأن صفات الله من الأسماء الحسنى ليست إلا تأكيدا لوحدانيته المطلقة، ومن هنا اشتقت الدعوة الموحدية تسميتها. فقد ورد في كتاب " أخبار المهدي بن تومرت وابتداء دولة الموحدية "لأبي بكر الصنهاجي المكنى بالبيدق مايلي:

"... واشتغلوا... بالتوحيد فإنه أساس دينكم، حتى تنفوا عن الخالق التشبيه والتشريك والنقائص والآفاق والحدود والجهات، ولا تجعلوه في مكان ولا في جهة، فإنه الله موجود قبل الأمكنة والجهات، فمن جعله في جهة ومكان فقد جسمه ومن جسمه فقد جعله مخلوقا ومن جعله مخلوقا فهو كعابد وثن، فمن مات على هذا فهو مخلد في النار، ومن تعلم توحيده خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فإن مات على ذلك فهو من أهل الجنة."
.

بدأ ابن تومرت يدعو إلى المهدي ويشوق الناس إليه فلما أدرك أصحابه فضيلة المهدي ادعى ذلك لنفسه وقال: "أنا المهدي المعصوم، أنا أحسن الناس معرفة بالله ورسوله"، وغير نسبه الأمازيغي إلى نسب الحسين بن علي حفيد النبي محمد ، وبالتالي فإنه يلزم الاقتداء به في جميع أفعاله وقبول أحكامه الدينية والدنيوية، وتفويض الأمر إليه في كل شيء.

قام ابن تومرت بنشر هذه المبادئ والأفكار على شكل خطب ومؤلفات مشروحة شرحا مستفيضا، وفرض عل اتباعه قراءة جزء منها كل يوم بعد صلاة الفجر وأدخل إلقاء خطبة الجمعة باللهجة الأمازيغية حتى يسهل استيعابها من طرف مختلف الشرائح الاجتماعية.

اعتمد ابن تومرت على قبائل مصمودة المستوطنة بجبال الأطلس الكبير الغربي وبالأطلس الصغير، جنوب المغرب الأقصى. وكان المرابطون قد عملوا على تهميش المصامدة ومراقبتهم، وذلك في إطار الصراع القبلي القائم آنئذ بين مجموعة صنهاجة الصحراء التي ينتمي إليها المرابطون وباقي المجموعات القبلية الأخرى، ومن أهمها المصامدة التي ينتمي إليها ابن تومرت.

في سنة 581هـ/ 1124 م انتقل ابن تومرت من أغمات، الواقعة بالأطلس الكبير، للاستقرار ب" تينمل " معلنا الخروج عن طاعة المرابطين ومحتميا ب قبائله المصمودية وبالتضاريس الوعرة. والمصادر الموحدية تشبه انتقاله هذا بهجرة الرسول إلى يثرب. وأصبح الزعيم الروحي لقبائل مصمودة.

وفي سنة 516هجرية/ 1122 ميلادية بدأت المواجهة المسلحة بين أتباع ابن تومرت والجيش المرابطي الذي فشل في اقتحام أغمات.

في سنة 522 هجرية / 1128 ميلادية سارعت جموع الموحدين إلى النزول نحو سهل الحوز الحالي يقصد دخول مراكش عاصمة المرابطين.وتم حصار المدينة أربعين يوما، إلا أن الإمدادات العسكرية المرابطية تمكنت من ذلك الحصار وإلحاق الهزيمة بالجيش الموحدي في "معركة البحيرة" سنة 524 هـ/1130 م. بذلك بينت هذه التجربة بأن هزيمة المرابطين تتطلب وقتا أطول واستعدادات أكبر.


وفاته

يقول المؤرخ عبد الواحد المراكشي في كتابه المعجب في تلخيص أخبار المغرب:

استدعى ابن تومرت قبل موته الرجال المسمين بالجماعة وأهل الخمسين والثلاثة عمر أرتاج وعمر إينتي، وعبد الله بن سليمان، فحمد الله، ثم قال: إن الله -سبحانه، وله الحمد- منَّ عليكم أيتها الطائفة بتأييده، وخصكم بحقيقة توحيده، وقيَّض لكم من ألفاكم ضُلاّلاً لا تهتدون، وعميا لا تبصرون، قد فشت فيكم البدع، واستهوتكم الأباطيل، فهداكم الله به، ونصركم، وجمعكم بعد الفُرقة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارقين. وسَيُورِثُكم أرضهم وديارهم، ذلك بما كسبت أيديهم. وبعد هزيمة الموحدين في معركة البحيرة سأل ابن تومرت أصحابه :هل عبد المومن فيكم ؟ قالوا :نعم. قال : قد بقي أمركم ما دام عبد المومن فيكم. ثم دخل ولم يره أحد أبدا.