منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#30893
التوسع الألماني
مع تولي النازيين بزعامة هتلر للحكم في ألمانيا تغير ميزان القوى في
أوربا إذ كانت سياسة هتلر الخارجية تهدف في البداية إلى إزالة عار هزيمة
الحرب العالمية الأولى وتبعاتها عن بلاده لتحتل مكان الصدارة بين الأمم
وتصفية حسابها مع من أذلوها خاصة فرنسا، ويتم توحيد وضم الشعوب الألمانية
في دولة واحدة، وكانت خطواته لتحقيق ذلك تحطيم معاهدة فرساي، والقضاء على
بنودها، ثم بسط السيطرة الألمانية على أوروبا.
لذا شرع هتلر في إعادة تسليح ألمانيا، فأعلن في العام 1935امتلاك السلاح
الجوي، وعقد اتفاقا بحريا مع بريطانيا في نفس العام ألغى فيه التحديد
الصارم للقوات البحرية الألمانية مقابل اعترافه بتفوق القوات البحرية
البريطانية، وتساهلت معه بريطانيا في عدد وحمولات الغواصات التي يمكن
لألمانيا امتلاكها، وبذلك استطاع أن يفصل بريطانيا عن الحلف الذي أقامته
فرنسا مع الاتحاد السوفيتي.
كما زاد عدد قوات الجيش الألماني إلى 300 ألف مقاتل وفرض الخدمة العسكرية
الإجبارية، ليصبح تعداد الجيش الألماني نصف مليون جندي.
وفي عام 1936 شرع هتلر في احتلال أراضي الراين رغم أن صلح فرساي ينص على
أن تكون منطقة محايدة منزوعة السلاح ضمانا لأمن فرنسا، وهو ذات العام
الذي بدا فيه موسوليني بمد نفوذ بلاده للخارج وعندما بدا تشكل دول
المحور.
تشكل المحور
تشكل المحور بسبب توتر العلاقات بين إيطاليا وكل من بريطانيا وفرنسا بسبب
احتلال إيطاليا لإثيوبيا، بالإضافة إلى عوامل أخرى منها التشابه
الأيديولوجي بين النازية و الفاشية ، وحاجة الدولتين إلى التوسع الخارجي
لامتصاص الزيادة السكانية.
ووردت كلمة المحور في خطاب لموسوليني في نوفمبر 1936، وفي نفس الشهر وقعت
إيطاليا و اليابان وألمانيا معاهدة ضد الشيوعية، ثم تطورت عام 1939 إلى
تحالف سياسي وعسكري كامل عرف باسم محور روما-برلين، ونص على توسع إيطاليا
في البحر المتوسط وتوسع ألمانيا في وسط وشرقي أوروبا.
ثم بدأت عملية استقطاب دولي سريع في تلك الفترة بين معسكري المحور
والحلفاء فانضمت اليابان ثم المجر و بلغاريا و رومانيا و سلوفاكيا و
كرواتيا إلى المحور، أما الحلفاء فكان يأتي في مقدمتهم بريطانيا وفرنسا.
الحرب العالمية الثانية
احتل الجيش الألماني النمسا في مارس 1938 وهو ما يعرف بـ الرايخ الثالث
ودمجها في ألمانيا، ثم سيطر على تشيكوسلوفاكيا في العام التالي وأخذ يسعى
للسيطرة على بولندا ، وفي الوقت نفسه قامت إيطاليا بغزو ألبانيا.
وعقدت اتفاقية عسكرية بين روما وبرلين تقضي بأنه إذا تورطت إحدى الدولتين
في الحرب مع دولة أخرى أو مجموعة من الدول فإن الدولة الأخرى تسارع إلى
مساعدتها كحليفة وتقدم لها ما يلزمها في البر والبحر وفي المقابل حدث
تقارب فرنسي – بريطاني مماثل، وتعهد الإنجليز بضمان استقلال بولندا.
والمعروف أن رئيس الوزراء البريطاني تشمبرلين لم يقف بحسم من احتلال
الألماني لتشيكيا ولم يتقبل دعوة الرئيس السوفيتي ستالين بعقد مؤتمر دولي
من الدول الكبرى لضمان حماية أوروبا الوسطى وشرق أوروبا لخشية بريطانيا
من الخطر الشيوعي وسيطرته على أوروبا، وعندما اشتدت الأطماع الألمانية في
بولندا، لم تفلح جهود بريطانيا وفرنسا في إقناع بولندا بمرور الجيش
السوفيتي في أراضيها.
أمام ذلك الأمر وقع الاتحاد السوفيتي مع ألمانيا معاهدة عدم اعتداء في
أغسطس 1939، وكان هذا الميثاق بمثابة الضوء الأخضر لألمانيا للهجوم على
بولندا.
وفي 1 سبتمبر 1939 كانت القوات الألمانية تجتاز الحدود البولندية وتشعل
شرارة الحرب العالمية الثانية، ووجه بريطانيا وفرنسا إنذارا نهائيا
لألمانيا في اليوم الثالث لدخولها بولندا للانسحاب منها، إلا أن الجيش
الألماني لم يعرهما أي اهتمام وتمكن من السيطرة على الدانمارك و النرويج
و هولندا و بلجيكا.
وفي مايو من العام 1940 تمكن الجيش الألماني من هزيمة الجيشين الفرنسي
والبريطاني ولم يبق خيار للحكومة الفرنسية غير الاستسلام مما مكن الجيش
الألماني من إحكام السيطرة على الشمال الفرنسي وتنصيب حكومة فرنسية
موالية لألمانيا النازية في الشطر الجنوبي من فرنسا في مدينة فيشي بقيادة
الجنرال بيتان وقد عرفت تلك الحكومة باسم حكومة فيشي.
واحتل بعد ذلك البلقان لكنه فشل في احتلال بريطانيا بعد المعارك الجوية
العنيفة بين الألمان والبريطانيين وفشل الغواصات الألمانية في قطع طرق
مواصلات بريطانيا فيما وراء البحار.
وقد عرفت الحرب حتى تلك الفترة باسم بالحرب المزيفة لعدم مشاركة القوى
العظمى في مسرح العمليات واقتصار المعارك في المسرح الأوروبي على ألمانيا
وصغار الدول بالرغم من إعلان الحرب على ألمانيا من قِبل بريطانيا
وفرنسا.
تحولت ألمانيا عن احتلال بريطانيا وتوجهت شرقا نحو الاتحاد السوفييتي،
وفي يونيو العام 1941 غزت ألمانيا الاتحاد السوفييتي وتمكن جيشها من
السيطرة على أراض شاسعة من روسيا، دافع الجيش الروسي بقوة عن موسكو
واستمرت معارك السيطرة على موسكو حتى الشتاء، ولم يكن في بال هتلر
استمرار المقاومة الروسية حتى فصل الشتاء، إذ لم يتم تجهيز الجيش
الألماني وتزويده بخطوط الإمداد لهذه الفترة.
فمر فصل الشتاء على الجيش الألماني بقسوة نتيجة التخطيط السيئ لغزو
موسكو. وبحلول فصل الربيع قرر الجيش الألماني السعي للسيطرة على حقول
النفط في القوقاز بدلا من احتلال موسكو.
اليابان ودخول أميركا الحرب
سيطرت القوات اليابانية في 7 تموز يوليو عام 1937 على جسر ماركو بولو
بالقرب من العاصمة الصينية بكين ، وفي ديسمبر من العام 1941 هاجمت
اليابان الأسطول الأمريكي في المحيط الهادي في ميناء بيرل هاربر وأغرقوا
كثيرا من قطعه، وذلك بسبب قيام أميركا في عهد الرئيس فرانكلين روزفلت
بفرض حظر بترولي على اليابان ومنع تصدير الحديد إليها تعاطفا مع حلفائها
التقليديين البريطانيين والروس.
وقامت اليابان بغزو دول جنوب شرق أسيا تزامنا مع قصفها بيرل هاربر، حيث
سيطرت على كل من ماليزيا و إندونيسيا و سنغافورة و الفلبين في محاولة
منها للسيطرة على حقول النفط ، كما خضعت كوريا و تايوان للاحتلال
الياباني.
وقام اليابانيون أيضا بغزو غينيا الجديدة و جزر سليمان في المحيط
الهادئ . وبعد الهجوم الياباني على بيرل هاربر أعلنت أميركا الحرب على
دول المحور الأمر الذي جعل هتلر يقرر اجتياح روسيا بأي ثمن واحتلال
القوقاز والانطلاق من شمال إفريقيا لاحتلال قناة السويس و الخليج العربي
و إيران لحرمان بريطانيا من النفط والموارد الأساسية لها وإجبارها على
عقد سلام.
تغير مسار الحرب
بعد الانتصارات التي حققتها دول المحور في بداية العام 1942 سعت القوات
الألمانية لاختراق شمال إفريقيا باتجاه الشرق الأوسط ، في محاولة للاتصال
باليابانيين في الهند ، لكن الجيش الألماني بقيادة رومل هزم في معركة
العملين في مصر في أكتوبر من العام 1942، وهزم في ذات الفترة الجيش
الياباني في معركة ميداوي.
وبعد عدة أشهر تمكنت القوات السوفييتية من هزيمة قوات المحور الأمامية في
الجنوب السوفييتي وقامت بتطويق الجيش الألماني السادس في معركة
ستالينغراد عام 1943 ، واستسلم 300,000 جندي ألماني في نهاية الحصار.
وكانت معركة ستالينجراد كانت نقطة التحول في مسرح العمليات الحربية
الأوروبية وبداية العد التنازلي لهيمنة "الرايخ الثالث" على أوروبا.
فبعد ستالينجراد، تكبدت دول المحور هزيمة تونس وأسر ربع مليون جندي
ألماني وإيطالي، واستعمل الحلفاء شمال أفريقيا كنقطة انطلاق لقهر مارد
المحور من الجنوب بعد إحكام القوات الروسية على الجبهة الشرقية.
سقطت إيطاليا بعد تحرّك الجيش البريطاني إليها من شمال أفريقيا وبعد
مقاومة شرسة من الجيش الألماني للأراضي الإيطالية في سبتمبر 1943.
وفي يونيو من عام 1944 قامت قوات الحلفاء بقيادة الجنرال الأميركي دوايت
أزنهاور الذي أصبح فيما بعد رئيس الولايات المتحدة بإنزال عسكري في شمال
فرنسا على شاطئ النورماندي. وقد تم إنزال أكثر من 200 ألف جندي أغلبهم
أميركيين والبقية بريطانيون وكنديون وفرنسيون.
وقد تم التخطيط للعملية التي تعد أكبر إنزال عسكري في القرن العشرين في
بريطانيا وقد تم تحرير المنطقة من الجيش الألماني.
وتمكن الروس في ديسمبر من نفس العام من عبور الحدود الألمانية واستمر
الحلفاء في التقدم رغم بسالة الألمان في الدفاع عن دولتهم وخسارتهم مئات
الآلاف من القتلى، وأصبح قلب ألمانيا مفتوحا فتدفق داخله السوفيت
والأمريكان، كذلك نجح الحلفاء في دخول روما، ثم أعدم الثوار الإيطاليون
"موسوليني" وعلقوه من قدميه في أحد أعمدة الإنارة في مدينة ميلانو ، أما
هتلر فقد انتحر في 30 إبريل 1945ووقَّع ممثلو ألمانيا وثيقة الاستسلام
بلا قيد أو شرط.
وكانت اليابان آخر دول المحور انهزاما، فلم توقف الحرب إلا بعد استخدام
السلاح النووي وقصف مدينتيها هيروشيما و ناغازاكي بأولى قنبلتين نوويتين
في التاريخ، على الرغم من ان اليابان كانت تنوي الاستسلام إلا أن اميركا
استخدمت السلاح النووي، وإثر ذلك وقعت اليابان وثيقة الاستسلام بدون قيد
أو شرط في 2 سبتمبر 1945، وبعدها بثلاثة أيام ارتفع العلم الأميركي فوق
طوكيو.
وبذلك انتهت الحرب بعد خمس سنوات ونص من القتال الشرس ذهب ضحيتها ٥٥
مليون نسمة وتشير التقديرات أن الخسائر البشرية للحرب العالمية الثانية
كانت موزعة بنسبة 84% للحلفاء و 16% لقوات المحور، كما دمرت مناطق أوربية
واسعة.
نتائج الحرب السياسية
بعد فشل عصبة الأمم في منع وقوع الحرب بادر الرئيس الأميركي هاري ترومان
الى اقتراح انشاء الأمم المتحدة ، وتم القبول بالاقتراح لتنشا الامم
المتحدة في العام 1945.
سعت أميركا من خلال الأمم المتحدة إلى مواجهة القوى الأوروبية الصاعدة
التي يمتد نفوذها وراء البحار (بريطانيا وفرنسا تحديدا) والاتحاد
السوفيتي الذي أخذ نفوذه يتسع.
فمن خلال المنظمة الدولية ستملك أميركا -وفق هذا المنظور- آلية للمنافسة
مع هذين العملاقين اللذين يجب احتواءهما داخل إطار المجتمع الدولي.
ولتقليص نفوذ الدور الأوروبي، شجعت الولايات المتحدة تنفيذ حق تقرير
المصير للمستعمرات ليس لأنها ضد الاستعمار.
كما كان مشروع مارشال الذي وضعته الولايات المتحدة لإعادة بناء أوروبا
المدمرة، مسهما في إبقاء هذه الدول مدينة للولايات المتحدة، إضافة إلى أن
هذا المشروع البرنامجي أسهم في إشراك النفوذ الأميركي في صياغة النظم
السياسية والتأثيرات الحربية المباشرة في أوروبا.
كما اعتبر ان الحرب الباردة قامت بعد تغير موازين القوى العالمية واختفاء
قوى عظمي وبروز اخرى.